Bitcoin roulette

القائمة الرئيسية

الصفحات

الملك الحسن الثاني : "إن الوطن غفور رحيم".


الملك الحسن الثاني : "إن الوطن غفور رحيم"


الملك الحسن الثاني : "إن الوطن غفور رحيم"


الخطاب الملكي السامي الذي وجهه  الملك الحسن الثاني طيب الله ثراه إلى الأمة بمناسبة الذكرى 21 للمسيرة الخضراء المظفرة  6 نونبر 1996



وكان جلالته رحمه الله  أثناء توجيهه الخطاب الملكي السامي  محفوفا بصاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير انذاك سيدي محمد .


النص الكمال للخطاب الملكي السامي الذي وجهه  الملبك الحسن الثاني طيب الله ثراه بمناسبة الذكرى 21 للمسيرة الخضراء المظفرة  6 نونبر 1996


الحمد لله، والصلاة والسلام على مولانا رسول الله وآله وصحبه

شعبي العزيز،

لقد مرت إحدى وعشرون سنة على انطلاق المسيرة، تلك المسيرة التي جعلتنا ننفض عنا القيود ونجتاز الحدود ونحرر أبنائنا في الصحراء ونصل الرحم.

ومنذ ذلك اليوم – شعبي العزيز – ونحن نولي أقاليمنا الصحراوية ورعايانا هناك كامل اهتمامنا وحدبنا وسهرنا، ونعطيهم الأسبقية لا في الخطط التنموية الاقتصادية ولا كذلك في الميادين الاجتماعية والثقافية.

وقد أثمرت ولله الحمد جهودنا وتضحياتنا هناك، فقد أصبحنا نرى مدنا واسعة شاسعة ونرى بنياتنا وعمرانا شامخا، ونرى سكانا وشبابا يقرأ في أعينهم وفي بصرهم الحماس والوطنية وارتقاء إلى ما ينتظرهم من مسؤولية داخل بلدهم وخارجه كإخوانهم في الشمال منذ الماضي.

إنك – شعبي العزيز – تعلم أننا جعلنا دائما منذ أن اعتلينا عرش أسلافنا المنعمين من الصراحة والشفافية عنصرين مهمين وأساسيين لتعاملنا أنت وأنا.

وسيرا على هذا المنهاج أريد أن أطلعك بكيفية واضحة، دون قوسين مفتوحين أو مغلقين، على ما جرى من محادثة بين الجانب المغربي من جهة وبين جماعة من أبنائنا المغرر بهم، بطلب منهم قبلنا أن يأتوا إلى المغرب وأن يحظوا بمذاكرة مباشرة.

لماذا قبلنا؟

قبلنا أولا، اعتبارا واحتراما لتقاليد قديمة وعريقة جدا، ومن جملة تلك التقاليد، التقليد الأول أن باب القصر في المغرب مفتوح لجميع المغاربة المغرر بهم والمهديين سواء السبيل.

ثانيا، قبلنا الاتصال بهم لا لتفريط في حقوقنا، بل لإقناعهم بالرجوع عن غيهم.

وحينما أتوا إلى المغرب كان من الشروط الأساسية أنه لا يمكن لأطروحة الاستقلال أو الانفصال أن تطرح على مائدة المذاكرة، وكان من الجانب المغربي نجلنا البار ولي عهدنا ووزيرنا في الداخلية، وسارت المناقشات مدة يومين، وكان من المقرر أن ألتقي يبهم إن نحن وصلنا إلى نتيجة مرضية، ولكن يظهر أنهم ما زالوا لا يتفهمون الوضع كما هو في المغرب، وما زالوا لا يفهمون أن الصحراء أصحبت كما كانت مغربية، وأن الصحراء ولو أردنا أن نعطيها طابعا آخر لما استطعنا أن نعطيها لا طابعا آخر ولا نوعية أخرى ولا إطارا قانونيا آخر غير الرجوع، والرجوع إلى الأصل أصل.

فافترق الوفدان لا على أساس القطيعة لأنه نحن تربينا بتربية والدنا جميعا المنعم محمد الخامس طيب الله ثراه، الذي كان يعمل بتعاليم القرآن، إذ جاء في قوله تعالى :"إدفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم، وما يلقاها إلا الذين صبروا، وما يلقاها إلى ذو حظ عظيم".

واتفقنا على أن الباب سيبقى مفتوحا أمامهم حينما تنضج الأمور، وحينما يتصورون تصورا آخر، وحينما ينظرون بكيفية وبنوعية أخرى إلى حل مشاكل إخوانهم الذين هم لا زالوا يعيشون في المنفى في حالة يرثى لها وفي حالة تضر بالنفس وتضر بالضمير، وستكون مسيرة أخرى مسيرة الإقناع، مسيرة الحدب والرعاية على أبنائنا وذوينا الذين هم مبعدون عنا بالرغم عن أنفسهم، وسوف تكون مسيرة أخرى مسيرة إقناع حتى يقتنعوا ليرجعوا عن غيهم وليدخلوا بلدهم "إن الوطن غفور رحيم".

وليعلموا وليعلم الجميع أن الصحراء بفضل الجهوية التي كما ستعم جميع أقاليم المملكة من طنجة إلى الكويرة، ومن وجدة إلى أكادير، أن تلك الجهوية التي فيها في آن واحد اللامركزية واللاتمركز سوف تجعل من أقاليمنا الصحراوية عالما آخر وحضارة أخرى، فإذا كانوا يريدون أن يلتحقوا بإخوانهم عليهم ألا يبطئوا.

أما من جهتنا فليعلموا أن الصحراء ولله الحمد فسيحة وأرجاؤها واسعة، وسوف يجدون في أحضانها متسعا لذويهم ولأهلهم ولإخوانهم، وسيوف يجدون في أحضان إخوانهم الساكنين هنا لا من الشمال ولا من الجنوب قلوبا مفتوحة، وقلوبا لا تريد إلا شيئا واحدا هو أن يلتحق الأب بابنه، والأخ بأخيه، والأم بابنتها، نؤكد مرة أخرى أن الوطن غفور رحيم، ونؤكد مرة أخرى أننا لسنا جاهلين بالمغرب وببلدنا، نحن نعرف بلدنا، وهناك عبقريات في بلدنا، عبقريات جهوية، فالشمال ليس هو الوسط والوسط ليس هو الجنوب، والشرق ليس هو الغرب، والغرب ليس هو الوسط، فهناك جهات، ولكل جهة عبقرية، ولكل جهة شخصية، ولكل جهة فنون وتاريخ وكيفية عيش، فننتظر من هذه الجهوية أن تثرى بدورها الصحراء التي انفصلت بفعل المستعمر منذ عقود وعقود، نريد أن تثرى أخواتها الجهات الأخرى بما آتاها الله من خيرات معنوية وثقافية وعبقرية وجبلية.

هذه – شعبي العزيز – هي الكلمة التي كنت أريد أتن أوجهها إليك بمناسبة ذكرى المسيرة الخضراء، كلمة تدل على أن مسيرتنا هي المسيرة، مسيرة النماء، مسيرة التطلع إلى الأحسن، مسيرة التوحيد، مسيرة الغفران بالنسبة للجميع، مسيرة المستقبل.

ولكن مرة أخرى إيانا ثم إيانا، أن نسى شيئا أن الزمن يجري، وعلينا أن نكسب الوقت، فأقول لأولئك الذين غرروا : إذا كان هناك شي جديد فعليكم أن تسرعوا كل السرعة.

وليعلم الجميع أننا لم نخرج في هذه الأمور عن إطار مخطط السلام لهيئة الأمم المتحدة، نحن متشبثون بهذا الإطار الدولي حتى يعترف لنا نهائيا بحقنا دوليا، وهذه المذاكرات والتي ستتلوها من بعد والجولات الأخرى، كلها ستكون في إطار المخطط الدولي الذي لا محيد لنا عنه، إذ هو الضمانة الكبرى لمستقبل السلام في هذه المنطقة.

شعبي العزيز :

مرة أخرى، لتكن هذه الذكرى عليك ذكرى سعيدة ومباركة، ولنحمد الله سبحانه وتعالى على أن هذا هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله، صدق الله العظيم.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.


رحم الله فقيد الأمة العربية والإسلامية الملك الحسن الثاني طيب الله ثراه. 

اللهم احفظ ولي أمرنا سبط الرسول الكريم مولاي جلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده وبارك في عمره ومتعه بالصحة والعافية في الحل والترحال. 


تعليقات