أزمة و عقدة نفسية في الجزائر بسبب إلغاء المغرب عيد الاضحى!!
في الوقت الذي استقبل فيه المغاربة قرار أمير المؤمنين الملك محمد السادس بإلغاء شعيرة الذبح في عيد الأضحى المقبل بكثير من الارتياح والامتنان.. أخرج هذا الحدث بعض أذناب النظام العسكري الحاكم في الجزائر عن طوعهم فاستغلوا المناسبة لتفريغ أحقادهم المتوارثة ضد المغرب والمغاربة في محاولة يائسة لخلق الفتنة بين المواطنين من خلال التأويل والتضليل.
القرار الملكي الذي جاء مراعاة للظروف الاقتصادية الصعبة التي يمر بها المغرب بسبب تراجع القطيع الوطني من الماشية، اعتبره المغاربة «تدبيرا حكيما» يضع مصلحة المواطن فوق كل اعتبار. لكن يبدو أن «خبراء التأويل» في الإعلام الجزائري لديهم وجهة نظر أخرى.. فبقدرة قادر، تحول القرار في عناوينهم الصفراء من «مكرمة ملكية» إلى «مؤامرة لإخماد غضب شعبي»!
صحافة الافتراء
بدت قنوات النظام العسكري وجوقته الإعلامية وكأنها أصبحت أكثر غيرة على سنة الأضحية من الشعب المغربي نفسه! فإذا كان المغاربة قد تنفسوا الصعداء بعدما أزاح عنهم الملك همَّ البحث عن كبش العيد في سوق يتقاذف أسعاره المضاربون و«الشنّاقا»، فإن بعض الصحف الجزائرية ارتدت عباءة الفقهاء فجأة لتندب حظ المغاربة على «حرمانهم» من أداء شعيرة دينية عظيمة. وكأن هؤلاء كانوا ينوون إرسال شاحنات محملة بالأضاحي من «حظيرتهم» لإنقاذ المغاربة من هذا البلاء!
ولأن التزوير عادة متجذرة في قاموس الأبواق العسكرية، لم يكلف هؤلاء أنفسهم عناء قراءة نص الرسالة الملكية، واكتفوا بقصاصات عناوينهم الصفراء التي زعموا فيها أن القرار الملكي هو «منع» و«حرمان» للمغاربة من شعيرة عظيمة. أما عبارة «أهاب الملك بشعبه الوفي»، فقد اختفت تحت مقص الرقابة الجزائرية، ليُستبدل بها عنوان مضلل يوحي بأن المغاربة «ممنوعون قسرا» من ممارسة شعيرة دينية.
وتحدث ذوي النفوس الخبيثة بنوع من التهكم على الجملة التي أشار فيها الملك إلى أنه سيذبح أضحية «نيابة عن شعبه»، جهلا منهم بأن هذه العادة مألوفة لدى الملوك العلويين سيرا على سنة جدهم المصطفى عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام، عندما ذبح كبشين وقال: «هذا لنفسي وهذا عن أمتي».
الأدهى من ذلك أن بعض الأقلام المأجورة سارت أبعد من ذلك، فزعمت أن إلغاء الذبح مرتبط بتحديات احتضان المغرب لتظاهرة كأس إفريقيا 2025.. وكأن قطيع الماشية تحول إلى جمهور متحمس يحتاج إلى مدرجات خاصة في ملاعب البطولة.
ملك رؤوف.. ونظام يضحي بشعبه
أما أطرف ما في الحملة الإعلامية الجزائرية، فهو استغراب بعض الصحف من «توقيت» القرار الملكي الذي جاء قبل رمضان وعيد الفطر، وكأنهم أدرى بعادات المغاربة الذين يحرصون على اقتناء الأضحية أشهرا قبل العيد لتسمينها، حرصا منهم على الاقتداء بسنة النبي (ص) في نحر أضحية سمينة فيشرعون في اقتنائها قبل رمضان حتى يتأتى لهم تسمينها على الوجه الأكمل، ولذلك بادر الملك باتخاذ القرار في الوقت المناسب رأفة بالمواطنين ورحمة بهم.
كما حاول البعض الإيحاء بأن هذا القرار « سابقة خطيرة » لم يشهدها المغرب من قبل، متناسين – أو بالأحرى متجاهلين – أن الملك الراحل الحسن الثاني سبق أن اتخذ نفس القرار في سنوات 1963 و1981 و1996، للسبب ذاته: الجفاف وقلة الماشية.
أما النظام العسكري المستولي على الحكم في الجزائر منذ استقلالها إلى اليوم، لم يُعف شعبه من أي تضحية.. بل جعل من الشعب الأضحية المثالية في كل عيد انتخابي أو حراك شعبي!
دروس فارغة!
من مهازل الإعلام الجزائري أن بعض المنابر المشهورة بـ »الطاعة العمياء » سارعت إلى إعطاء الدروس للمغرب حول كيفية تحقيق الاكتفاء الذاتي عبر استيراد الأغنام، وكأن بلد الغاز والبترول، الذي لم يستطع تأمين حتى أكياس الحليب وقارورات الزيت لشعبه، أصبح مرجعا اقتصاديا يُحتذى به!
ربما لم يقرأ « عباقرة التحليل » في الجزائر أن الاستيراد في المغرب قرار سيادي، يتم وفق رؤية ملكية متبصرة تراعي توازن الأسواق والحفاظ على الثروة الحيوانية الوطنية، عكس الوضع في بلد البترول والغاز الذي يستورد كل شيء ومع ذلك لا يجد مواطنوه ما يسد رمقهم إلا بعد الوقوف في طوابير الذل لساعات طوال.
الجزائريون يكذّبون إعلامهم
رغم كل هذا الحقد الإعلامي الموجه من ثكنات النظام العسكري، لم تخلُ التعليقات على المواقع الجزائرية من أصوات العقل التي انتفضت في وجه التضليل. فجزائريون كثر دعوا صحف بلادهم إلى الالتفات إلى مشاكل شعبهم المنهك، بدلا من «النباح» اليومي حول أخبار المغرب.
وألجم أحد المعلقين الجزائريين أفواه الأبواق الدعائية بعبارة ساخرة: « إخواننا المغاربة لديهم ملك يعفو عنهم من التضحية هذا العام.. أما نحن فتحكمنا عصابة ضحت بالشعب كله من أجل الاستمرار في السلطة».
وكتب مواطن جزائري تعليقا مطولا يؤكد فيه أن وضعية بلاد البترول والغاز أسوء بكثير مما قاسته المملكة المغربية بسبب الجفاف، وبالتالي فإذا كان الجنرالات يراعون مصلحة الشعب فعلا كما يدعون فإن عليهم أن يقتدوا بملك المغرب في إلغاء شعيرة الذبح هذا العام. ورد عليه مواطن آخر بتعليق ساخر لكنه أصاب كبد الحقيقة: « لا تقلق، النظام الجزائري سيضحي بشعبه من أجل مصلحته الشخصية فقط».
هكذا إذن، وبينما يرى المغاربة في قرار ملكهم خطوة رحيمة تراعي أوضاعهم الاقتصادية، يصر الإعلام الجزائري على تحويله إلى «مؤامرة»، غير أن الحقيقة ساطعة كالشمس: المغاربة يثقون في ملكهم، والإعلام الجزائري لا أحد يثق به!
إن الدرس المستفاد من هذه المهزلة الإعلامية بسيط: عندما يحكم بلدا عسكريون لا يفقهون سوى لغة القمع، يصبح التضامن الاجتماعي جريمة.. والرأفة بالمواطنين خيانة.. أما الحقيقة الوحيدة التي لم تستوعبها أبواق النظام الجزائري فهي أن الشعب المغربي، ملكا وشعبا، يسير في طريق واحد.. في حين أن الشعب الجزائري تركته العصابة الحاكمة يواجه مصيره المجهول.. بينما تنهش خيراته بلا رحمة!
المصدر موقع 360
تعليقات
إرسال تعليق